جدلية التاريخ والعلم
DOI:
https://doi.org/10.36473/ujhss.v222i2.389الملخص
يتميز البحث العلمي بالدقة و المنهج و الموضوعية، و يتطلب كثيرا من الاهتمام و الحذر، و يستدعي جهودا متواصلة وقدرة كبيرة على التخيل و المثابرة و التحكم في الذات، و الإنسان قبل أن يمضي إلى البحث العلمي المعروف بشكله الحالي، مارس نوعا آخر من التفكير، هذا التفكير يعرف بالتفكير الفلسفي. و إن حكمت على التفكير العلمي بأنه تفكير منظم و موحد، فهذا لا يعني أن التفكير الفلسفي خال من التنظيم. بل هو تفكير يخضع لمقاييس منطقية، و يراعي اتساق المقدمات مع النتائج لكن التفكير الفلسفي يعطي أكثر حرية للعقل و أكثر تحررا من الضوابط ، و يمتاز بنوع من الشمولية و انفصال التفكير العلمي جاء بعد نضج المناهج العلمية التي تولت عملية تقنين الظواهر و تفسيرها ، و كانت البداية في التفكير العلمي و الأسبقية للعلوم الطبيعية التي تناولت الظواهر الفيزيائية الواقعية وهذه الظواهر اتخذ علماؤها المنهج التجريبي سبيلا لفهمها، و تفسيرها، وبعد النجاح المذهل الذي حققته العلوم الطبيعية ، حاول بعض العلماء و المفكرين تطبيق المنهج التجريبي في دراسة الظواهر التاريخية . فاستقل بذلك علم التاريخ عن الفلسفة ، غير أن موضوع الدراسة في هذا العلم يختلف عن موضوع الدراسة في العلوم الطبيعية، فهو أكثر تعقيدا و تشابكا، وهذا ما جعل الدراسة العلمية في الظواهر التاريخية تعرف عدة عوائق إبستمولوجية حالت دون تقنين الظاهرة التاريخية ، مما استدعى التشكيك في قيمة علم التاريخ و قدرته على تفسير ظـواهره تفســيرا علميا بعيدا عن التفسير الفلسفي ام انه على الدراسات التاريخية ان تعود الى حقل الفلسفة من جديد . وهذا ما حاولت توضيحه من خلال هذا المقال الذي يتناول المشكلة الآتية : هل التزمت الدراسات التاريخية بالطابع العلمي القانوني ودخلت دائرة العلم