مستوى القصصية الروائية (رسالة حي بن يقظان) أنموذجاً
DOI:
https://doi.org/10.36473/ujhss.v225i1.118الملخص
لاشك في أن كل أمة تبحث عن حالات التألق في نتاجات أبنائها الفكرية والادبية على مرّ العصور، حتى إذا ما أكتشفت عما فيها من عمق ابداع تراها تسارع للاعلان عن ذلك تثبتاً لموقعها المتقدم في عالم الابداع العالمي، ولا بد عندئذ من شهادات تثبت هذا الادعاء، ويبدو ان هناك بعض الاشارات التي تذهب إلى ان (رسالة حي بن يقظان) هي شكل من اشكال القصص لكن هذه الاشارة لم تصل بالمتلقي إلى درجة اليقين، وعندئذ لا بد ان يؤكد حقيقة هذه الاشارات او نطوي صفحاً عنها، ولكن بعد اعادة النظر فيها بشكل علمي يستند إلى منهجية البحث العلمي، ظهر أنها لم تكن الا قصة او رواية بالمعنى الصحيح ، ولم يكن ذلك أدعاءً بعد ان أثبت هذا البحث الكثير من القدرات الابداعية فيها إلى جانب القدرات الفنية وما تتوافر فيه من آليات السرد التي ترتفع بالفن القصصي إلى مستويات الابداع من خلال الفكرة والحبكة والشخصيات والاحداث وطبيعة الازمات التي تدور داخل هذه الرواية، ولما تتضمنه من صراعات داخلية او خارجية منطلقة من واقع خاص ومتميز ولاسيما ان بطلها (حي بن يقظان) فقد كان أنموذجاً بشرياً فريداً من نوعه، وهذا الأختيار لهذه الشخصية النادرة لم يكن أعتباطاً، وانما كان أختياراً قصدياً من لدن كاتبها (ابن طفيل الاندلسي (500-581هـ) ) وهو في ذلك يهدف إلى تحقيق فكرة فلسفية، حاول ان يوظفها من خلال هذا العمل الابداعي وبشكل موفق وناجح، مما هيأ الظروف لتكون اول رواية فلسفية تبحث في معضلات انسانية عويصة ومن أهم هذه الافكار الوصول إلى حلول ناجحة حول الجدل الذي كان يدور بين القائلين بأفضلية الشريعة على الحقيقة او القائلين بأفضلية الحقيقية على الشريعة الا إنه توصل من خلال هذه الرواية إلى انه لا خلاف بينهما وان كلاً منهما يهدف إلى معرفة الخالق الموجد لكل هذه الاشياء، ولكن لابد من الفطرة الصافية التي فطر عليها (حي بن يقظان) والعبادة التي نشأ عليها (آسال) فهما وجهان للحقيقة التي يبحث عنها الجميع من اجل الوصول إلى تحقيق عالم السعادة التي رمز اليها ابن طفيل في تلك الجزيرة النائية التي هي مظهر من مظاهر المدينة الفاضلة وهذا ما ظهر من خلال هذا البحث.